بحثٌ هام فى :
التربية الإسلامية على منهج الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة
الدكتور أحمد فريد - حفظه الله
الحمد لله الذي عم برحمته جميع العباد ، وخص أهل طاعته بالهداية إلى سبيل الرشاد ، ووفقهم بلطفه لصالح الأعمال ففازوا ببلوغ المراد و أشهد أن محمداً عبده ورسوله ، موضح سبيل الهدى والسداد ، قامع الجاحدين والملحدين من أهل الزيغ والعناد ، صلى الله تعالى عليه وعلى أصحابه الأكرمين الأجواد ، صلاة تبلغهم بها نهاية الأمل والمراد.
ثم أما بعد :
فإن من أهم ما تبذل فيه الحيوات ، وتنفق فيه الأوقات ، وتهتم به الدعوات ، الجانب التوي في الدعوة ، فبه يتجدد نشاطها ، وتتفتح زهراتها ، وتطيب ثمراتها ، فبالتربية تصح العقائد ، وتعمق المفاهيم الصحيحة ، وتغرس الأخلاق النبيلة ، وينشأ الصغار على ما درج عليه الكبار ، قال بعض السلف : لا يزال الناس بخير ما بقى الأول حتى يتعلم الآخر . وهل قامت دولة الإسلام ، وارتفع دين الملك العلام إلا بتربية الصحابة الكرام على يد المربي الأول الذي تشرفت البشرية برؤيته ، واستضاءت المعمورة ببركة دعوته ، فقد كان أكبر هم النبي صلى الله عليه وسلم تربية الصحابة الكرام بمكة بدار الأرقم بن أبي الأرقم بالقيام والصيام وتلاوة القرآن حتى صاروا شموس ضياء وأقمار هداية ، وفتح الله عز وجل بهم البلاد وقلوب العباد ، وتكونت الدولة الإسلامية بالمدينة المنورة في فترة كأنها لحظات من عمر الدنيا ، بعد ثلاثة عشر عاماً من ابتداء البعثة النبوية المباركة ، ثم توالت الانتصارات ، وانتشر الضوء ، وعم الخير ، فجاء نصر الله والفتح ، ودخل الناس في دين الله أفواجاً في السنة الثامنة من الهجرة المباركة ، وما فارق النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا حتى عم الإسلام جزيرة العرب ثم سطع النور بعد ذلك في المشارق والمغارب ، حتى دق المسلمون أبواب فيينا في أوربا ووصلوا إلى حدود في آسيا ، وكان هذا ببركة تربية الصحابة على الإسلام وبذلهم لإعزاز دين الملك العلام .
فما العــز للإســــلام إلا بظلهــــم . . << >> . . وما المجــد إلا ما بنـــوه فشيــدوا
وعلى هذا الهدي النبوي المبارك درج السلف رضي الله عنهم من التابعين فمن بعدهم ، فكانوا يهتمون بتربية الناشئة على الإيمان الصحيح ، والخلق النبيل ، والآداب السنية ، والسنن المصطفوية مع أنهم كانوا يعيشون في أجواء إيمانية ينعمون بالتحاكم إلى شريعة الله عز وجل . ويدعون إليها فكيف بالمسلمين اليوم وقد تحكم فيهم عدوهم ، وحرموا من شريعة ربهم ، وابتليت بلادهم بالمحن المتتابعة ، والفتن المتنوعة ، ورمتهم قوى الشر والشرك عن قوس واحد ، واجتمعت عليهم ظلمات بعضها فوق بعض ، وانتشرت في بلادهم الأفكار العلمانية ، وعشش في ديارهم دعاة الإلحاد والإباحية ، وساعدتهم وسائل الإعلام الخبيثة من الجرائد والمجلات والتلفاز والفيديو واستقبال البث المباشر في نشر الإباحية والفجور والتبرج والسفور ، فأجهزوا على ما تبقى عند المسلمين من تعزز بالعقيدة وغيرة وحياء .
فما أحوج المسلمين في هذا الواقع الأليم إلى تلمس خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم في التربية ودراسة أخلاق ومؤهلات الجيل الأول الذي رباه رسول الله صلى الله عليه وسلم وإعداد منهج تربوي قائم على العلم والدراسة المتأنية ، والاهتداء بأنوار القرآن والسنة النبوية والسيرة المصطفوية ، ثم وضع هذا المنهج وهذه الدراسة موضع التنفيذ . فتخرج من السطور إلى الصدور ، ومن الصدور إلى الدور فتصير واقعاً عملياً يقصد به تربية جيل على نمط الجيل الأول .
قال إمام دار الهجرة مالك – رحمه الله - : لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح عليه أنر أولها .
ولقد قام الدكتور أحمد فريد بجمع وترتيب هذا البحث ( التربية على أهل السنة والجماعة )
والذي أثرى به المكتبة الإسلامية نسأل الله أن يتقبله منه ويجعله في ميزان حسناته .
وقد اشتمل البحث على سبعة فصول رئيسية : -
الفصل الأول : في بيان معنى التربية وأهميتها لإعادة بناء دولة الإسلام .
الفصل الثاني : في بيان المؤهلات التي أهلت الصحابة رضي الله عنهم لقيادة البشرية .
الفصل الثالث: في بيان أنواع التربية المطلوبة لبناء جيل على نمط الجيل الأول جيل الصحابة رضي الله عنهم .
ويشتمل على :
1 – التربية العقائدية .
2 – التربية الفكرية .
3 – التربية الإيمانية .
4 – التربية الخلقية .
5 – التربية على الآداب النبوية والسنن المصطفوية .
6 – التربية الجسدية الجهادية .
7 – التربية على العفة والاستعفاف .
الفصل الرابع : الهدي القرآني في التربية .
الفصل الخامس : الهدي النبوي في التربية .
الفصل السادس : وسائل التربية
ويشتمل على :
1 – التربية بالقدوة .
2 – التربية بالموعظة .
3 – التربية بالقصة الهادفة .
4 – التربية بالأمثال .
5 – التربية بدراسة التراجم .
الفصل السابع : المنهج التطبيقي العملي التربوي .
ولأهمية هذا البحث سأقوم بتلخيصه وأرجو من الله عز وجل أن يسد به ثغرة في الإسلام ، وأن يوفقني وإياكم للعمل بما فيه وأن يتقبل منا وصلوات الله وسلامة على المبعوث رحمة للعالمين ، وقدوة للعالمين ، ومحجة للسالكين ، وحجة على العباد أجمعين ،وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
يتبع بأمر الله